المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحية مدرسية عن الكلمة الطيبة (حسن الخلق)


وردة امل
01-17-2018, 09:39 AM
https://www.kalimat1.com/vb/upload/2017/282kalimat1.com.gif
مسرحية مكتوبة مشهد نص تمثيلي عن الكلمة الطيبة والقلب الطيب..

المسرحية
1ـ الحاج صادق القمّاش الطيب
2 ـ أبو كف حسن العطّار الحسود
3 ـ القاضي
4 ـ تاجر القافلة
5 ـ رجل1
6 ـ رجل2
7 ـ الشرطيان
8 ـ الشاهدان
9 ـ الصبي

المشهد الأول

الراوي :
يحكى أن تاجرا للأقمشة في قديم الزمان يدعى الحاج صادق القَمَّاش ، وهذا التاجر معروفٌ لدى
الناس في البلدة التي يقطن بها بأمانته وإخلاصه وحبِّه لعمل الخير ومساعدة المحتاجين ، ولهذا كان
الجميع يقصدونه من مختلف أنحاء البلدة ، حتى تعدَّى ذلك البلدات الأخرى المجاورة ، وشعارُ الحاج
صادق القمَّاش هو الأمانة والإخلاص ، والتفاني بالعمل ، والصدق مع الزبائن ، ومخافة الله عز وجل
، أما بضاعته فكانت من أجود أنواع الأقمشة المختلفة سواء أكانت من الصوف أو الحرير أو القطن
، وكان الحاج صادق يبيعُها بأرخص الأسعار مراعيا حاجات الناس وعدم قدرتهم على دَفْع الثمن
الكامل أحيانا ، وكان المشترون من الحاج صادق يصنعون من أقمشته الثياب والعباءات والفساتين
…إلخ
( يَمُرُّ أحدُ الرجال من محلِّ الحاج صادق)

رجل1 :
من فضلك يا حاج صادق الطيب ، أريد قطعةَ قماش من اختيارك لأصنع منها عباءة لوالدي ، ولهذا
أريدها من النوع الفاخر.
رجل2:
لا يوجد عند الحاج صادق إلا أجودُ أنواع الأقمشة ، و أفخرِها والتجربة أكبرُ برهان.
( يَمُرُّ أحدُ الأشخاص من أمام محل الحاج صادق وينظر بحسد إلى المبتاعين داخل دكانه ، هذا
الشخص يدعى أبو كف العطار ، وكانَ يحسدُ الحاج صادق على سمعته الطيبة ، ورزقه الوفير ،
ونشاطه الذي لا يكل في السوق ، أما هو فعاطلٌ عن العمل بسبب حسدِه وكسلِه ).
أبو كف العطار : يحدث نفسه في ضيق
مالي أرى الناسَ يتهافتون على هذا المحل ألا يوجد في السوق غير الحاج صادق ؟ لقد خَدَعَ الناسَ
بمعسول كلامه ، وأوهمهم أن بضاعته فاخرة ، وأنَّهُ يبيعُها بأرخص الأسعار ، أقسمُ بالله العظيم
لأعرفنًَّ السرَّ يا حاج صادق ، حينئذ سأنالُ منك .
(يقتربُ العطارُ من محل الحاج صادق) .
العطار :
السلام عليكم يا حاج صادق .
الحاج صادق :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، تفضلْ يا أخي ألستَ أنتَ أبو كف العطار ؟
العطار :
نعم يا سيدي ، هو أنا .
الحاج صادق :
تفضلْ يا أخي ، لقد كانَ والدكَ من أعزِّ أصدقائي .
العطار :
شكرا .. شكرا .
الحاج صادق :
هل تشربُ قهوة أم شايا .
العطار :
لا .. شكرا .. لا أريدُ شيئا .
الحاج صادق :
جارُنا أبو عبد الله يبيعُ عصيرا لذيذاً ، ما رأيكَ بكوبٍ من العصير اللذيذ من عنده ؟
العطاَّر :
كل ما يأتي منكَ يا حاج مقبول ، ومشكورٌ عليه .
الحاج صادق :
يا صبيّ أحضرْ لنا كوبين من العصير اللذيذ من عند جارِنا أبي عبد الله .
الصَّبي :
حاضر يا حاج صادق .

العطار :
لقد غَمَرْتني يا حاج صادق بكرم ضيافتك ، وشهامتك ، وحسن معاملتك .
الحاج صادق :
لا شكرَ على واجب يا أخي الكريم .
العطار : مخاطبا الحاج صادق :
لقد لاحظتُ في الصباح أنَّ محلَّك قَدْ ازدحمَ بالمشترين ، حتى أصبحَ كأنَّهُ خليةَ نَحْل ، فقلتُ في نفسي
لِمَ لا أنتظرُ حتى يهدأ هؤلاءِ الناس ، ثم أزورُ عمي الحاج صادق فلدي موضوعٌ هامٌّ أريدُ أنْ أحَدِّثك
به .
الحاج صادق :
أهلا بك وسهلا ، خيرٌ إنْ شاءَ الله .
العطار :
أنتَ تعرفُ والدي حسنَ العطار ، كان صديقُك المخلصُ والملازمُ لك دائما .
الحاج صادق :
أجل يا أبا كف ، رَحِمَ الله والدك ، فقد كانَ نِعْمَ الصديقُ ، وَنِعْمَ التاجرُ الأمين .
العطار :
شكرا لك على هذا الإطراء الجميل ، فوالدي رَحِمَهُ الله ، كانَ يعملُ في مهنة العطارة كما تعلمُ .
الحاج صادق :
نعم .. ووالدي رحمه الله كانَ لا يتعاملُ إلا مع والدك ، ولكنْ قُلْ لي يا أخي : لماذا أغلقتمْ مَحَلَّ
العطارة ؟ ألم يكنْ مردوده جيدا ؟
العطار :
طَمَعُ الدُّنيا يا حاج صادق ، فبعد وفاةِ والدي رَحِمَهُ الله ، دَخَلَ الشيطانُ بيننا ، فقرَّرْنا إغلاقَ محلِّ
العطارة ، وذهبَ كلُّ واحد مِنَّا في حال سبيله .
الحاج صادق :
لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم .
( يُحْضِرُ الصَبِيُّ كوبي العصير)
الحاج صادق :
تفضَّلْ الآن كوبَ العصير يا أخي .
العطار : يشربُ العصيرَ بنهم
الحمدُ لله
الحاج صادق :
صحتين وعافية ، بالهناء والشفاء .
العطار :
شكرا لك يا حاج صادق على هذا الكوبِ اللذيذ ، وعلى كرم ضيافتك .
الحاج صادق :
هذا من لطفك ، لكنْ قلْ لي : ماذا تعملُ الآن ؟
العطار :
لا أعملُ شيئا .

الحاج صادق :
وكيفَ تعيشُ إذا ؟!
العطار :
أعيشُ من إيجار بيت ورثته عن والدي رَحِمَهُ الله ، غير أني كثيرُ العيال ، والحياة كما تعلمُ لا ترحمُ
، وطلبات العيال وأمّهم كثيرة ، لا تنتهي أبدا .
الحاج صادق :
ولماذا لا تحاولُ أنْ تفتحَ محلَّ العطارة من جديد ، وتديرُها وَحْدَك ولحسابك الخاص ؟!

العطار :
لأني لا أملكُ المالَ الكافي لإعادة فتح المحل ، وشراء أدوات العطارة ، ثم إنني لم أجدْ أحدا
يُقرضُني المبلغ ، فأصِبْت بإحباط ويأس شديدين ، فقررتُ غَضُّ الطَرْفَ عن ذلك .
الحاج صادق :
أعانكَ اللهُ يا أخي أبا كف ، ولكنْ لا تشغلْ نفسَك بهذا الأمر ، فأنا والحمدُ لله قدْ باركَ الله لي في
تجارتي ، و أستطيعُ أنْ أقْرِضَك المبلغَ الذي تطلبه .
العطار :
شكرا لكَ على إنسانيتك يا حاج صادق ، فأنت تصنعُ معروفا معي لنْ أنساهُ لك أبدَ الدَّهر .
الحاج صادق :
أحَبُّ شيءٍ عندي يا أخي هو مساعدةُ الناس ، وأنْ أراهم جميعا في سعادة وهناء ، ولكنْ لا يقدرُ
على القدرة سوى الله سبحانه وتعالى ، حيث يقولُ في كتابه الكريم : وفي السماءِ رزقُكم وما
توعدون ، صدق الله العظيم ، فعلينا - نحن المسلمين ـ أنْ نرضى بما قَسَّمَ اللهُ لنا ، أليسَ كذلك يا
أخي .
العطار :
بالطبع لأنَّها حِكمةُ الله عَزََّ وجل .
الحاج صادق :
هلْ ممكنٌ أنْ تُمْهلَني أسبوعا حتى أستطيعَ أنْ أقرضَكَ المبلغ ؟
العطار :
أجل يا حاج صادق .
الحاج صادق :
كم تريدُ مني ؟
العطار :
ثلاثمائة دينار .
الحاج صادق :
سأعمل على توفيره بمشيئة الله عزَّ وجل .

العطار :
جزاك الله كل خير ، ووَسَّعَ عليك رزقك ، والآن أستئذنُ للخروج .
الحاج صادق :
إلى أينَ أنت ذاهبٌ يا عطَّار ، اجلسْ قليلا حتى نرى هذه القافلة القادمة من بعيد .
العطار :
ما هذه القافلة ؟
الحاج صادق :
هؤلاء تُجَّارُ الحلي والمجوهرات والأشياء النَّفيسة ، وهم لا يأتون إلا مرةً في العام ، فلا تدعْ فرصةَ
المشاهدة تفوتُك ، فربما يعرضون علينا منتوجاتهم ، فنستمتعُ بجمال المنظر .
الراوي :
القافلةُ تقتربُ رويدا رويدا من البلدة ، وأصواتُ الناس تتعالى في السوق ، فقد وصلتِ القافلة ،
وبدأ تجارُها بعرض منتوجاتهم من حُلِيٍّ وجواهر نادرة على التجار والأغنياء ، فيشتريها
المقتدرون ويكتفي ميسورو الحال بالمشاهدة فقط .
(اقتربَ الموكبُ من مَحَلِّ الحاج صادق حتى أصبحَ بمحاذاته) .
الحاج صادق :
اقتربوا أيها التجار من هنا ، أرونا ما عندكم .
أحد تجار القافلة :
لدينا يا حاج الكثير الكثير من الجواهر واللآلئ النفيسة .

الحاج صادق :
أرني أغْرَبَ شيء عندكم .
تاجر القافلة :
لدينا عِقْدٌ نفيسٌ من الزبرجد الأخضر ، والياقوت الأحمر ، شيءٌ غال ونادر ، لا مثيلَ له في كلِّ
أسواق العرب .

الحاج صادق :
أرني بسرعة فأنا لا أحتملُ الصبرَ أمامَ الأشياء النادرة .
تاجر القافلة:
هاك هو العِقْد .. تَفَحَّصَهُ جيدا يا سيدي .

الحاج صادق : مذهولا
يا الله ما أجملَ هذا العِقْدَ ! وما أروعَه ! إنَّهُ أجملُ ما وقعتْ عليه عيناي ، وما سمعت به أذناي.
العطار :
إنَّهُ تُحْفَةٌ نادرة .
الحاج صادق : موجِّها كلامَه إلى تاجر القافلة :
بكم تبيعُه يا أخي .
تاجر القافلة :
بمائتي دينار .
الحاج صادق : مندهشا :
هذا كثيرٌ والله ، ألا تستطيع أنْ تُخَفِّضَ لي من ثمنه ؟
تاجر القافلة :
اسمعني يا حاج صادق ، نحن لا نطمعُ بأحد ، وغايتنا الكسب الحلال ، لأنَّنا نخافُ الله ونخشاه ،
وربحُنا لا يتعدى قَدْرَ المشقَّة التي نتكبدُها أثناء السفر ، والترحال من بلدة إلى بلدة لعرض منتوجاتنا
على الناس ، وهذا العِقْدُ في بَلَدِ صُنْعِهِ بمائة وتسعين دينارا ، ألا نربح عَشَرَة دنانيرٍ مقابلَ هذا
التعب الذي نبذلُه ؟
الحاج صادق : يصمتُ قليلا ويوجِّهُ كلامَه إلى العطار :
ما رأيُك يا أبا كف ؟
العطار :
معذرةً يا حاج صادق ، فأنا لا أعرفُ بأمور الصياغة شيئا ، وخبرتي تنحصرُ فقط في أمور العطارة
، وما شابهها ، ولكنْ لا أخفي عليك أنَّ منظرَ هذا العِقْدِ قدْ جَذَبَني وَسَحَرَ بَصَرِي .
( و بخبث مستغلا مرور الناس أمام دكان الحاج صادق):
العطار :
أعطني العِقْدْ يا حاج لأتفحَّصَهُ جَيِّدا .
( يناولُ الحاج صادق العِقْدَ للعطار ، فَيُقَلِّبُ العطَّارُ العِقْدَ أمامَ الناظرين ثم يعيدُه للحاج صادق ) .
الحاج صادق :
إذا توكلت على الله ، واشتريتُ هذا العِقْد.
تاجر القافلة :
مُبَارَكٌ عليك هذا العقد ، وعوَّضَكَ اللهُ بثمنه خيرا .
( يَعُدُّ الحاج صادق النقودَ لتاجر القافلة ، وَيُعيدُ ما تبقى إلى الدرج)
العطار :
مباركٌ عليك هذا العقد يا حاج .
الحاج صادق :

باركَ الله فيك .
العطار :
أستئذنُ الآن يا حاج فقد تأخرتُ على العيال .
الحاج صادق :
اذْهَبْ وَرَافَقَتْكَ السلامة ، ولا تنسَ يا أخي أنْ تمرَّ عَلَيَّ بعدَ أسبوع حتى أعطيكَ المبلغَ كما اتفقْنا .
العطار :
إنْ شاءَ الله .
ستار

المشهد الثاني
الراوي :
انصرفَ العطارُ بَعْدَ أنْ رأى الحاج صادق يضعُ العِقْدَ في درج المحل ، وبدلا من الذهاب إلى بيته
انتظرَ قليلا حتى انصرفتْ القافلة ، وابتعدَ الناسُ ، ثم توجَّهَ في سرعة إلى قاضي البلدة ، وهو
يصيحُ بأعلى صوتِه.
العطار :
أعينوني .. أغيثوني
( وحاولَ الحارسُ إيقافه فأخذ ينادي ويصرخ ) :
يا حضرة القاضي ، يا ناصرَ المظلومين ، سُرِقَتْ أموالي ، سُرِقَتْ أموالي...
القاضي : مندهشا :
ما هذه الفوضى في الخارج ؟
الشرطي :
إنَّهُ رجلٌ يَصْرُخُ يا سيدي القاضي .
القاضي :
أدْخِلُوهُ فورا .
(يُدْخِلُ أحدُ الحراس العطَّار إلى قاعة القاضي)
القاضي :
ما بِكَ يا رجل ؟ وَلِمَ كُلُّ هذه الضجة ؟
العطار :
أغِثْنِي يا سيدي القاضي ، ضَاعتْ نقودي .

القاضي :
اهدأ يا هذا ، وقل لي ما حكايتُك .
العطار :
ذهبتُ في هذا الصباح لأشتريَ حوائج بيتي ، ثم صَادفتُ قافلةَ تجَّار الحُلْيِّ والجواهر ، وكان معهم
عِقْدٌ من الزبرجد والياقوت ، فأعْجِبْتُ به واشتريتُه لابنتي بمائتي دينار ، فَخِفْتُ أنْ أضَعْهُ في جيبي
فَيُسْرَقَ مني ، فذهبتُ إلى صاحبي الحاج صادق الذي يدَّعي الأمانة ، وهو منها بَراء .
القاضي : بغضب :
اختصرْ يا رجل ، فلدينا العديد من القضايا التي تحتاجُ إلى حل .
العطار :
طلبت من صديقي هذا أنْ يحفظَ العِقْدَ عنده في دكانه ، حتى أشتريَ حوائجي من السوق ، ثم أعودُ
إليه ، وأتسلم العقد .
القاضي :
ثم ماذا ؟ هيا أكملْ .
العطار :
ثم عُدْتُ بعد ساعتين ، وقلتُ له أعطني الأمانة ، فقال لي : أية أمانة هذه ؟ فصرختُ وقلتُ له : العِقْد
يا حاج ، فأجابني باستفزاز : اذهبْ من دكاني يا هذا فأنا لا أعرفُك حتى أحتفظَ لك بأمانة ! لا بُدَّ أنَّك
مجنون ، حينئذ جنَّ جنوني يا سيدي القاضي ، وبدأتُ أصرخُ كالمجانين ، حتى وجدتُ نفسي بين
أيديكم .
القاضي :
هل كان هناك شهود ؟
العطار :
نعم ، بعض المارة في السوق يشهدون على كلامي .
القاضي :
ما أسماؤهم ؟
العطار :
أذكر يا سيدي منهم الصباغ عباس .. والنجار منصور .
القاضي : ينادي :
يا شرطي احْضِرْ لنا الصبَّاغ عباس والنجار منصور في الحال.
الشرطي :
حاضر يا سيدي
( الشرطي يُحْضِرًُ الرجلين من السوق وَيَمْثُلان أمامَ القاضي)
القاضي : يوجِّهُ كلامَه إلى الشاهدين :
هل شاهدتم هذا الرجل يعطي عِقْدا للحاج صادق ؟
الشاهد الأول :
لقد شاهدتُ هذا الرجلَ يتفحَّصُ عِقدا ، ثم يَدْفَعَهُ للحاج صادق الذي بدوره وَضَعَهُ في الدرج .

الشاهد الثاني :
وأنا كذلك شاهدتُ نَفْسَ الشيء يا سيدي القاضي .
العطار :
أرأيتَ يا سيدي القاضي أنني صادقٌ فيما قلته .
القاضي :
ليس بعد يا عطَّار .
(ينادي القاضي على شرطيين ويأمرهما بتفتيش دكان الحاج صادق).

الراوي :
يذهبُ الشرطيان إلى الدكان ، فيجدانه مغلقا ، فيكسرُ أحدهما القفلَ ، ويفتِّشُ الدكان بأكمله ، حتى
يعثرَعلى العِقْد المطلوب في أحد الأدراج ، ثُمَّ يعودُ الشرطيان إلى قاعة القاضي ويسلِّمانه العِقْد .
القاضي :
اتَّضَحتِ الأمور الآن ، هيا يا شرطي اذهبْ واقْبِضْ على الحاج صادق ، وأحضرْهُ إلى هنا حتى ينالَ
عقابَه الرادع...
الشرطي :
سَمْعا وطاعة يا سيدي .
العطار : بفرح :
يحيا العدلُ .. يحيا العدل .

الراوي :
يذهبُ الشرطيُّ ويقبض على الحاج صادق من بيته ، ويأخُذُهُ إلى القاضي .
(يَدْخُلُ الشرطيُّ ومعه الحاج صادق الذي يَمْثُلُ مندهشا أمامَ حضرةِ القاضي ، ولا يدري ماذا يجري ،
ولماذا تَمَّ استدعاؤه بهذه الطريقة ، وازدادتْ دَهْشَتُهُ واستغرابُه عندما رأى العطار واقفا بجوار
القاضي ينظرُ إليه أي العطَّار والشررُ يتطايرُ من عينيه ).
القاضي :
أنتَ الحاج صادق تاجرُ الأقمشة المعروف .
الحاج صادق :
نعم يا حضرة القاضي أنا هو الحاج صادق .
القاضي :
هَلْ أخذتَ اليومَ عِقْدا من الياقوت والزبرجد من هذا الرجل أمانة عندك ، وحينَ طالبَكَ به أنكرتَ حقََّه
واتهمتُه بالجنون ؟
الحاج صادق : مندهشا :
أنا ؟
القاضي :
ومن إذا ؟ أنا ؟ رُد عَلَيَّ ما هو دفاعُك ؟

الحاج صادق : ينظرُ إلى العطار .. ثم يتوجَّهُ نحو القاضي :
هل يسمحُ لي سيدي ، يا مَنْ يحكمُ بالعدل أن أتحدَّثَ مع العطار لمدة دقائق فقط على انفراد ؟
العطار :
لا .. لا أريدُ أن أكلِّمَ هذا الرجلَ اللص ، خائنُ الأمانة حتى يأخذَ العدلُ مجراه وأحصلُ على حقي
...عِقْدِي الثمين يا سيدي القاضي .
القاضي :
أمِنَ الضروري أن تكلِّمَه يا حاج صادق ؟
الحاج صادق :
نعم يا سيدي القاضي ، فربما كان لكلامي معه فائدة .
القاضي :
إذا لا مانع … استمعْ لما سيقولُه لك يا أبا كف .
العطار :
سَمْعا وطاعة يا سيدي القاضي ، لأجلك فقط سأستمعُ إلى خائن الأمانة .
الحاج صادق : يتوجَّهُ إلى العطار ويخاطبُه :
لماذا فعلتَ ذلك يا أبا كف ؟
العطار :
ما هذا الهراء ؟ هل ستحاسِبُنِي مقابلَ خيانتِك للأمانة .

الحاج صادق :
أريدُ فقط معرفة السبب الذي جعلَك تفعلُ هذا العملَ الشنيعَ معي ، ألمْ أعِدُك بالمساعدة لفتح محل
العطارة من جديد ؟
العطار :
لا أريدُ منك شيئا .
الحاج صادق :
وهل هذا جزاءُ المعروف ؟
العطار :
ومن قالَ لكَ أنْ تعملَ مَعروفا ؟
الحاج صادق :
خُلُقِي هو ما دَفَعَني إلى عمل المعروف .
العطار :
وأنا سوءُ خُلُقي دفعني إلى فعل هذا ...هل تريدُ شيئا آخر ؟
الحاج صادق : لا
القاضي :
هلْ أنهيتَ حديثَك مع العطار يا حاج صادق ؟

الحاج صادق :
أجل يا سيدي القاضي وأريدُكَ أنْ تحكمَ بما يرضيك .
القاضي :
معنى ذلك أنك اعترفتَ بذنبك .
العطار :
وهل يستطيعُ الإنكار بعد أنْ تمَّ اكتشافَ أمره ؟ ، وهل يستطيعُ أنْ يدافعَ عن نفسه بعد شهادة
الشهودِ ، والعثور على عِقْدِي النَّفيس في درج دكَّانِه ؟
القاضي :
خُذْ عِقْدَكَ يا عطار , أمَّا أنتَ يا حاج صادق فقدْ أمرْنا بجلدِك خمسينَ جلدةً إضافةً إلى عقوبة السجن
لمدة ثلاث سنوات عقاباً لك على خيانتِك للأمانة وحتى تكونَ عبرةً لمن اعتبر .
الراوي :
وفي هذه اللحظة كانَ تاجرُ القافلة الذي باعَ العقدَ للحاج صادق يجري مسرعا نَحْوَ قاعة القاضي
متجاوزا الحراس ، حاملا عِقْدا بيده وهو يصيح:
التاجر :
يا سيدي القاضي ..يا سيدي القاضي
القاضي :
من هذا المزعج ؟
الحاج صادق :
إنَّه تاجرُ القافلة الذي باعني العِقْدَ يا مولاي.
القاضي :
أدْخِلوه فورا.
( يَدْخُلُ التاجرُ وَيَمْثُلُ أمامَ القاضي.)
القاضي :
ما حكايتُك ؟ وَلِمَ كلُّ هذه الضَجَّة ؟
التاجر :
أعرفُ يا سيدي أنَّ الحاج يشكونا لحضرتك ، ونحنُ لا نريدً أنْ نُضَيِّعَ سمعتنا في البلاد التي نَقْصِدُها
، فنحنُ بحقِّ الله أشرافٌ ..أشراف
القاضي :
ولم يشكوكم الحاج صادق ؟
التاجر :
يا سيدي القاضي لقد بعْنا للحاج صاد ق عِقْدا من الياقوت والزبرجد وَقَدْرُهُ مائتا دينار ، وعندما
رجعتُ إلى والدي وأخبرتُه بالأمر .. لَطَمَني على وجهي .

القاضي :
ولماذا ؟
التاجر :
قال لي ويلَك .. لقد فَضَحْتَنا عندَ سيَّد السُّوق وأكرمِهم جميعا ، الحاج صادق التَّاجرُ الطَّيِّبُ الأمين .
القاضي :
وما الفضيحةُ التي خافَ منها والدُك ؟

التاجر :
يا مولاي .. طريقُ السفر محفوفٌ بالمخاطرِ وَقُطَّاع الطرق ، وحمولتُنا غاليةُ الثَّمن ، ونخشى عليها
كثيرا ، ومن أجل هذا نَضَعُ بضائعَ زائفةً في حقائب وأكياس خاصة ، وَنَخفي الأشياء الثمينة في
رحال الجِّمال .
القاضي : مستغربا :
وما علاقة هذا بموضوعنا ؟
التاجر :
يا مولاي .. عندما حَضَرْنَا إلى بلدتِكم الكريمة ، وأخرجنا الجواهر واللآلئ بقصدِ بيعها ، خَلَطْنَا العقودَ
المزيفةَ مع العقود الحقيقية , من دونِ قصدٍ بحق الله .
القاضي :
تريدُ أنْ تقولَ أنَّ العِقْدَ الذي بعتَهُ للحاج صادق كان مزيَّفا ؟!
التاجر :
نعم يا مولاي , هذا العِقْدُ مزيفٌ ، ولمْ أعْرِفُ حقيقتَهُ إلا عندما عُدْتُ لأبي الذي بدوره أخبرني أنَّهُ
مُزَيَّفٌ .
القاضي :
وبعد ذلك ؟

التاجر :
جَريتُ مسرعا أبحثُ عن الحاج صادق ، ولكني لم أجِدْه وأخبرني بعضُ سكان البلدة أنَّهُ ذَهَبَ إلى
القاضي ، والبعضُ الآخر قالوا : قُبِضَ عليه بسبب تلفيق تهمة نكراء...
القاضي :
وهلْ أحْضَرْتَ مَعْكَ العِقْدَ الحقيقي؟
التاجر :
نعم يا مولاي ، هذا هو العِقدُ الحقيقي .
القاضي :
سبحانَ الله .. سبحانَ الله .. ظَهَرَ الحقُّ وَزَهَقَ الباطل ، وهو على كلِّ شيءٍ قدير .

الحاج صادق :
حمدا لله على كلِّ شيء .
القاضي :
مُوجِّها كلامَهُ إلى العطَّار : مالي أرى وجْهَكَ قَدِ اسْوَدَّ يا عطار ؟ ألا تدري أنَّ مَنْ حَفَرَ حفرةً
لأخيه وَقَعَ فيها ؟ وعلى الباغي تدور الدوائر ، أخزاك اللهُ أيها الكاذب الحسود .
العطار :
العفو .. العفو .. يا سيدي لقد تبتُ إلى الله .
القاضي :
خذوه واجلدوه مائة جلدة ، ثم جُرُّوهُ في البلدة حتى يعرفَ جميعُ السكان حقيقتَه ، وحتى نَحْفَظُ
للحاج صادق اسمَه وسمعتَه التي لُوِّثَتْ بِحَسَدِ هذا العطَّارِ وَحِقْدِه ، ذلكَ الكاذب ناكر الجميل...
الحاج صادق :
لقدْ عَفَوْتُ عنه أيها القاضي ، فالعفوُ عند المقدرة .
القاضي :
على الرَّغم مما فَعَلَهُ بك تُريدُ أنْ تعفوَ عَنْه ؟
الحاج صادق :
يقول تعالى في كتابه العزيز : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
صدق الله العظيم .
القاضي : للشرطيين :
اتركوا هذا العطَّارَ يَنْصَرِفُ ، وَلْيَبْقَ الحاج صادق ، هذا الرجل الطيب بجواري .
(يغادرُ العطَّاُر قاعةَ القاضي مطأطئَ الرأس)