01-17-2018, 07:28 PM
|
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 103
|
|
مسرحية عن العيد الوطني بمناسبة اليوم الوطني
مشهد تمثيلي مسرحية اليوم الوطني
السعودي..الاماراتي..القطري..العماني..الكويتي..البح ريني.
تُفتح ستارة المسرح على مشهدِ سوقٍ بسيط ، والناس يروحون ويجيئون هنا وهناك ، بعضهم يقف أمام محل تجاري يشتري شيئاً ، وآخر ينادي على غرضٍ ليبيعه ، وغيرهما يقف ممسكاً بشاة يساوم بائعها ليبيعها له بسعر أقل مما هي معروضة عليه ..
وفي منتصف المسرح مقهى بسيط ، على نواحيه تصطف الكراسي ، يجلس عليها الرجال متفرقون ومجتمعون ، كلٌّ على حاله ..
على الركن الأيمن من المقهى يجلس أربعة رجال ، وعلى الركن الأيسر يجلس رجل وحيد ، منسجم مع كوب شاي يرتشفه في تلذذ ، وهو يتابع جريدة محلية بين يديه ، يقرأها في استمتاع ..
كان الرجال الأربعة المتسامرون في الركن الأيمن يتحدثون في حماس .
•[سالم ( يسأل أصحابه ) :] كيف هو استعداداتكم للعيد الوطني ؟ .. هل جهزتم شيئاً لإحياء فعالياته ؟
•[خميس :] أنا جهزت فرقة شعبية ، تتكون من أكثر من عشرين رجلاً ، سوف نحيي النهار بطوله في الرقصات الشعبية ، والطبولُ لن تتوقف لمدة ساعات طويلة .
•[عيسى :] أما أنا فقد اشتركت مع صاحبي حمدان ، ولسوف نقوم أنا وهو باستعراض تمثيلية صامتة عن الصيد .. لقد جمعنا كل لوازم الصيد ، وصنعنا قارباً كبيراً ، تحركه سيارة مخفية في داخله ، توحي بأنها تتحرك من تلقاء نفسها ، وجمعنا عدداً من الرجال سيركبون فوق هذا القارب ، وسيمثلون على أنهم يصيدون السمك .
•[حمدان :] نعم .. ولقد اتفقنا مع بعض الصيادين لكي يمدوننا بكمية من الأسماك الطازجة ، نشتريها منهم وقت العرض مباشرة ، وسوف نستخدمها ليكون العرضُ حقيقيًّا .
•[سالم :] رائع ! .. أنتم على استعداد كبير .. لو كان منكم عشرون رجلاً لكفانا .. حبُّ الوطن يحتاج منا إلى جهد لكي نعبِّر عنه .
يلتفت سالم فجأة إلى الرجل الجالس على الركن الأيسر من المقهى ، والذي كان يقرأ الجريدة المحلية في استمتاع ، ويرتشف الشاي متلذذاً ..
•[سالم ( ينادي الرجل ) :] يا جاسم .. لماذا تجلس بعيداً عنا ؟ .. لماذا لا تشاركنا الحديث ؟
•[جاسم ( دون أن يرفع عينيه عن الجريدة ) :] لقد سمعت جزءاً من حواركم ، ولم يعجبني .
الرجال الأربعة يندهشون ، وينظر بعضهم إلى بعض في حيرة ، ثم ينهضون حاملين مقاعدهم معهم ، ويجلسون قريباً من جاسم .
•[حمدان :] ماذا تقول يا جاسم ؟ .. ألم يعجبك حديثنا ؟ .. نحن نتحدث عن التعبير عن حبنا للوطن .. ألست تحب الوطن ؟
•[عيسى :] هذا وطنك يا رجل ، فلا تكن جاحداً له .. لولاه ما تعلمت حرفاً ، ولولاه ما وجدت عملاً ، ولولاه ما أكلت ولا شربت .. أنت في نعيم وراحة كبيرة بسببه .
•[خميس :] قارن بين حياة آبائنا وأجدادنا أيها العاق .. لو كان لك عقل لوجدت أننا في جنة الله على الأرض .
•[سالم :] حتى هذه الجريدة التي تقرأها بين يديك ، لو لم يكن هذا الوطن ، لما تمكنت من قراءتها ، ولما عرفت حرفاً واحداً منها .. بل لولا هذا الوطن ، لما كان لهذه الجريدة من وجود في الأصل .
•[عيسى :] والشاي الذي ترتشفه في تلذذ هكذا ، وتنعم بطعمه الحلو في فمك ، لولا الوطن ما كان لديك وقت تستمتع به ، وكنت الآن في عرض البحر تشقى وتتعب ، أو كنت فوق نخلة متشابكة السعف ، تشكُّكَ الأشواكُ ، ثم تهبط منها بشيءٍ يسيرٍ من رطب أو تمر ، بالكاد يكفيك لتحيا وتعيش أنت وعيالك .
•[خميس :] وتأتي الآن لتقول بأن حب الوطن لا يعنيك في شيء ؟!
•[حمدان :] تأتي الآن وتجحد فضل الوطن عليك ؟!
•[خميس :] أتأتي الآن وتعض اليد التي أطعمتك ؟!
•[جاسم ( ما زالت عيناه على الجريدة ) :] كل هذا كلام فارغ .
•[سالم ( غاضبا ) :] وما هو الكلام الممتلئ إذن ؟ .. الكلمات المتقاطعة التي تحلها في هذه الجريدة التي بين يديك ؟ .. أم حلاوة هذا الشاي في فمك ؟
•[جاسم ( هازًّا كتفيه في استخفاف ) :] أنا لا أحلُّ الكلمات المتقاطعة .. أنا أقرأ موضوعاً وطنيًّا مسليًّا .. كلاماً لا طعم له ولا لون .. كلاماً فارغاً سخيفاً ، مثل كلامكم .
يطوي جاسم الجريدة ، ويلتفت إلى الرجال الأربعة .
•[جاسم ( يخاطب خميس ) :] أنت قمت بجمع رجال ليقوموا باستعراضٍ لرقصاتٍ فنية شعبية .. هذا جميل ! .. ( يلتفت إلى حمدان وعيسى ) وأنتما جهزتما مركباً متحرِّكاً ، وجمعتما رجالاً يقومون بتمثل رحلة صيد تحاكي الواقع .. هذا ابتكار رائع ! .. ( ثم يلتفت إلى سالم ) ولكن ماذا عنك أنت ؟
•[سالم ( متحيرا ) :] ماذا عني ؟!
•[جاسم :] ماذا عنك ؟ .. الجميع قام بشيء للوطن ، فما الذي قمت به أنت ؟!
•[سالم ( متبخترا ) :] أنت تعرفني ، والجميع يعرفونني ، ولا حاجة إلى ذكر ذلك .. أنا شاعر كبير ، وقد ألَّفتُ قصيدة طويلة بهذه المناسبة الجليلة .. كل عام أفعل هذا الشيء ، وأُلقي قصيدتي في أمسية شعرية ، يتردد صداها في الأوساط العمانية .
•[جاسم ( متسائلا ) :] وما قصيدتك لهذا العام ؟
•[سالم :] لقد أسميتها ( أفديك بروحي يا وطني ! ) .
•[سالم ( ضاحكا ) :] رائع ! .. أفديك بروحي يا وطني .. هذا رائع !
•[سالم ( غاضبا ) :] أنت تستهزئ بنا ؟! .. أيها الحقير ! .. ( ويشير إلى أصحابه ) هيا بنا ، إنه رجل غير وطني ، ومن العار الجلوس معه في مجلس واحد .
يعود الرجال إلى مجلسهم السابق ، مكملين حديثهم ، في حين يتابع جاسم قراءته للجريدة ، ويتابع ارتشاف الشاي في تلذذ ..
يظهر فجأة رجل من أقصى يمين المسرح مذعوراً .
•[الرجل المذعور :] الغوث ! .. النجد ! .. الإعصار قادم .. انجوا بحياتكم .. انجوا بأرواحكم .
ثم يركض الرجل ليختفي خلف كواليس المسرح من الجهة اليسرى .
•[عيسى :] يا إلهي ! .. الإعصار من جديد ؟!
•[خميس :] سنهلك .. هيا نبتعد عن هنا بأقصى سرعة نملكها .
•[سالم :] إن سيارتي قريبة من هنا .. لنسرع ونستقلها .
•[حمدان :] هيا بنا إذن .. لن نبقى هنا لنموت .
يركض الرجال الأربعة ليختفوا خلف كواليس المسرح من الجهة اليسرى .
•[جاسم ( يصرخ مناديا الرجال الأربعة ) :] ارجعوا أيها الجبناء ، السوق مليء بالنساء والأطفال والعجائز .. إنهم بحاجة إلى من ينقذهم .. ارجعوا .
لكن الرجال كانوا قد اختفوا ، واكتظَّت قاعة المسرح بالكثير من النساء والأطفال والعجائز ، وهم يستغيثون بحثاً عن منقذ لهم ، في حين كان الرجال والشباب يُهرعون كل واحد منهم يحاول النجاة بنفسه .
•[جاسم ( مناديا ) :] عودوا يا رجال الوطن .. عودوا يا من تدَّعون حبَّ الوطن .
يظهر على خلفية المسرح شراشف بيضاء مختلطة بأخرى سوداء تتماوج ، تمثِّل الغيوم المتحركة ، وأسفل منها شراشف زرقاء تمثِّل جريان الماء والوديان على الأرض ..
جاسم يمسك بيد طفل ، وينقذ رجلاً عجوزاً ، ويحمي امرأة ، ومن حوله تتحرك أشجار وأغصان وأوساخ تسبح في المياه الجارية .
•[جاسم ( بأعلى صوته ) :] كلام فارغ .. كلام فارغ .. كل كلامكم فارغ لا معنى له .. حب الوطن ليس مجرد كلمات نكتبها أو نتشدَّق بها ، بل هي أفعال رجال .. تريدون التعبير عن حبكم للوطن بقصائد واستعراضات فنية ؟! .. تريدون أن تعبروا عن حبكم للوطن برقصات شعبية وأشعار ؟! .. هذا رائع .. هذا جميل .. ولكن بالمقابل لا تنسوا أنَّ التعبير الحقيقي لحبكم للوطن هو أكبر من هذا كله .. هو أن تهتموا بالمواطنين ، ولا تتركوهم يغرقون في حياتهم .. ليس فقط غرقهم في الإعصار ، بل غرقهم في الفقر ، غرقهم في الديون ، غرقهم في الحزن والوحدة والبؤس .. هؤلاء هم وسائلنا للتعبير عن حبنا للوطن .. حبنا للمواطن هو حبنا للوطن .. هؤلاء لو فكر الغني في فقيرهم ، فهو قد عبَّر عن حبه للوطن .. لو فكر السعيد في حزن جاره ، فهو قد عبَّر عن حبه للوطن .. لو فكر الواحد منا في بؤس الآخرين ، فقد عبَّر عن حبه للوطن .. لا بأس بالرقصات الشعبية ، ولا بأس بالتمثيل عن تاريخنا وعمانيتنا ، باستعراضات رائعة كالتي تفعلون ، ولا بأس بأن نرقص ونفرح للمناسبات ، ولكن حينما يكون هذا هو التعبير الوحيد لحبنا للوطن ، فهذا كلام فارغ لا معنى له .. الحب الحقيقي للوطن ، أن نعبِّر عنه بأفعالنا ، لا بأقوالنا فقط .. أن نكتب قصيدة من مليون بيت عن ( أفديك بروحي يا وطني ) ، ثم حينما نرى الوطن من حولنا يغرق لا نمد له يد العون ؛ فعن أي حب نتحدث ؟! .. وعن أي فداء نتبختر ؟!
تزداد حركة الأمواج والغيوم من حول جاسم ، وهو يسقط على الأرض من التعب من كثرة ما جرى هنا وهناك .
•[جاسم ( صوته يخفت تدريجيًّا ) :] عودوا لوطنكم يا رجال .. عودوا يا من تحبون وطنكم .. عودوا يا أيها الذين وعدتم بأن تفدون وطنكم بأرواحكم .. عودوا يا ... !
يسقط جاسم على أرضية المسرح ، وتنغلق الستارة .
|